التعليم الإلكتروني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شروط نجاح التعليم عن بعد والتعليم متعدد القنوات

اذهب الى الأسفل

شروط نجاح التعليم عن بعد والتعليم متعدد القنوات Empty شروط نجاح التعليم عن بعد والتعليم متعدد القنوات

مُساهمة  هاله احمد الالفي السبت نوفمبر 30, 2013 12:28 pm

شروط نجاح التعليم عن بعد والتعليم متعدد القنوات
هناك قدر من الانبهار بالتعليم عن بعد، وباستخدام التقنيات الأحدث، وكأنها حلول سحرية، دون تمحيص. هذا على حين يواجه التعليم عن بعد، والتعليم متعدد القنوات بوجه خاص، مشكلات عديدة، تزداد حدة في البلدان النامية. والخشية أن تؤدى حالة الانبهار هذه إلى إحباط ضخم، في ميدان التعليم. إذ ليس التعليم عن بعد حلا سحريا، بل أحد عناصر منظومة تعليم متكاملة، وهكذا يجب أن ينظر، وأن نقدم عليه باعتباره تحديا كبيرا، إن أردنا النجاح في هذا الميدان الحديث نسبيا.
فعلى حين يقدم بعض الباحثين، في الغرب، قرائن على أن بعض برامج التعليم عن بعد يمكن أن تنتج نوعية أعلى من التعليم، خاصة العالي، بسبب ضرورة تحمل المتعلم للمسؤولية، والاشتراك الأكثر فعالية للمتعلمين في العملية التعليمية، وغياب الحواجز النفسانية للتعبير في المجموع، وغيره من المبررات، لا يوجد دليل علمي قاطع على أفضلية التعليم عن بعد على التعليم التقليدي في منظور النوعية.
وعلى العكس، يتوافر دليل قوى على أن برامج التعليم عن بعد تعانى معدلات انقطاع أعلى من التعليم التقليدي. وهذا أمر متوقع في ضوء ظروف غالبية الملتحقين بالتعليم عن بعد، والتي أدت لحرمانهم من التعليم التقليدي بداية.
والواقع أن التعليم عن بعد يمكن أن يقع في نفس مشاكل التحصيل في التعليم التقليدي، خاصة ثلاثية "التلقين-الاستظهار-الإرجاع" اللعينة. بل يمكن أن يعانى منها أكثر من التعليم التقليدي بسبب توسط المعدات الجامدة بين المعلم والمتعلم. ولذلك يجب أن تكوّن مقاومة التسرب وضمان النوعية الراقية محاور أساسية في التخطيط للتعليم عن بعد.
والمعروف أن آثار التعليم عن بعد أكثر تشتتا من التعليم التقليدي، ومن ثم أصعب في التقييم. وتزداد هذه الصعوبة فى البلدان التى تضعف فيها فكرة التقييم، وتقل مصداقية جهود التقييم.
وتطوير المواد التعليمية، المشوقة والفعالة، في التعليم عن بعد أمر صعب ومركب- يجب أن يتم من خلال فرق متكاملة تضم تربويين وخبراء، فى الموضوعات وفى التقنيات ووسائط الاتصال المستخدمة، وفنانين وغيرهم. ويجب أن يقوم إنتاج المواد التعليمية على تبنى نموذج "البحث-التطوير-التقييم-المراجعة" باستمرار.
وهو أيضا مكلف. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يقدر أن تكلفة إنتاج الدقيقة الواحدة من برامج التلفزيون التعليمية الجيدة تبلغ حول ثلاثة آلاف دولار. ولذلك كثير ما يتم التأكيد على أن الاستفادة من التعليم عن بعد يجب أن تكون من الاتساع والعمق بحيث تتحقق معادلة معقولة بين التكلفة والعائد.
وتمثل ندرة المواد التعليمية الصالحة للتعليم عن بعد باللغة العربية مشكلة خاصة يتعين العمل على تلافيها تمهيدا للدخول القوى فى هذا المضمار.
المنظومة البشرية: تشترك فئات متنوعة، و"جديدة"، من البشر في التعليم عن بعد، وتزداد- عددا وتنوعا- في التعليم متعدد القنوات. فبدلا من مجرد "ثنائي" المدرس والطالب يقوم التعليم عن بعد- في الحد الأدنى- على "ثالوث": معلم عن بعد- أو معلم في "الأستوديو"؛ متعلم عن بعد؛ ميسر الموقع (الذي يتعامل فيه المتعلم عن بعد) بجوانب العملية التعليمية عن بعد، خاصة من خلال وسائل الاتصال المتقدمة غير المتاحة للمتعلم الفرد.
ويتعين أن تتفاعل الأطراف الثلاثة كفريق كفء مع تغير دور المعلم والمتعلم عن المتعارف عليه في التعليم التقليدي. فالمعلم عن بعد- الكفء- ليس ملقنا لكم معين من المعلومات، ولكن ميسرا للتعلم من خلال الاكتشاف، وعبر التواصل مطرد الترقي.
لكن هناك- غير هؤلاء الثلاثة- آخرين كثر تضمهم فرق تصميم وإنتاج المادة التعليمية، كما أشرنا، والفنيين والإداريين في مواقع التعليم عن بعد وفى الإدارة التعليمية على مستوياتها المختلفة، ومقدمو خدمات الاتصال المختلفة، وغيرهم.
وهناك خطر أن يقع التعليم عن بعد في أيدي "التقانيين"- نتيجة لقلة معرفة التربويين بالتقنيات الحديثة، أو افتتانهم الشديد بها. وينطوي ذلك على الوقوع في التركيز الزائد على التقنيات والمعدات، عوضا عن الهدف الأصيل وهو الاحتياجات التعليمية للمتعلمين عن بعد. إن التعرف على هذه الاحتياجات، وأفضل السبل للوفاء بها، يجب أن يسبق حتى اختيار التقنيات وتحديد التوظيف الأفضل لها لتحقيق الغاية التعليمية. ويستلزم درأ ذلك الخطر، على وجه الخصوص، أن يعاد توجيه برامج تكوين التربويين، الجامعية وأثناء الخدمة، لتتضمن مكونا قويا في التعليم عن بعد، نظريا وعمليا.
البنية الأساسية والمعدات والبرمجيات: واضح أن تكلفة التعليم عن بعد، خاصة التفاعلي منه، مرتفعة لدرجة يمكن أن تكون مانعة للانتشار، ولو المحدود. إذ حتى في الولايات المتحدة الأمريكية تحول القيود المالية أحيانا دون توافر المعدات والبرمجيات ومداخل شبكات الاتصال اللازمة لهذا النوع من التعليم عن بعد. ويزيد من التكلفة على المدى الطويل، التقادم السريع لكثرة المعدات والبرمجيات المستعملة في التعليم عن بعد-التفاعلي.
وخلاف التكلفة، هناك شروط عديدة للاستخدام الفعال للمعدات الحديثة من أهمها التدريب الفعال والصيانة المستمرة. ويترتب على قلة توافر هذه الشروط تضاؤل استخدام المعدات الحديثة إلى جانب طفيف من إمكانياتها. وقد يصل الأمر لبوار المعدات، وقلة الاستفادة من البرمجيات، تحت ظروف البيروقراطية والإهمال المتفشيين في الإدارة الحكومية في البلدان العربية.
وعلى السياق التنظيمي والإداري يتوقف العائد على نظم التعليم عن بعد والتعليم متعدد القنوات. إذ أن التعليم عن بعد نسق أعقد من التعليم التقليدي، ومن ثم يحتاج لأنظمة أكفأ وإدارة أرقى. وتزداد المشكلات التنظيمية والإدارية تعقيدا في إدارة التعليم متعدد القنوات. والمعروف أن الإدارة المدرسية التقليدية تميل للمركزية والجمود، بينما يكمن نجاح التعليم عن بعد في اللامركزية والمرونة اللازمين لتكامل عديد من المكونات المتباينة في نسق متكامل يسعى لبلوغ غاية مشتركة.
وعند تبنى التعليم عن بعد يصبح مطلوبا بوجه خاص مرونة القيادات التعليمية- وهى في العادة أكثر جمودا وتمسكا بالسلطة، واغترابا عن التعليم عن بعد ومحتواه التقانى، من الأجيال الأصغر في المؤسسة التعليمية. ويستلزم ذلك الاهتمام بالتوعية المكثفة بمضمون التعليم عن بعد، والتدريب على إدارة مكوناته العديدة، والتنسيق بينها، خاصة في مستويات الإدارة التعليمية المختلفة قبل بدء البرامج.
وتتضمن الأمور التي تحتاج عناية خاصة في مضمار التنظيم والإدارة، ومتطلبات مختلفة عن التعليم التقليدي، مسائل "الاعتراف" بالمؤسسات العاملة في ميدان التعليم عن بعد، وتقييم المتعلمين، وتقييم المعلمين، والترخيص للمعلمين وتجديده، وتدريبهم.
ويمثل السياق الاجتماعي للتعليم عن بعد محددا جوهريا لمدى نجاحه. وهنا تثور عدة مشكلات تطلب اعترافا من ناحية، ومواجهة جادة من ناحية أخرى.
بداية يعانى التعليم عن بعد من انخفاض المكانة الاجتماعية، حيث يُعد تعليما "من الدرجة الثانية"، يرتاده فقط من لم يقدر، أكاديميا أو ماليا، على "امتلاك" أشكال التعليم التقليدي. وينبغي التخطيط لمحاربة هذه السمعة السيئة. وجلي أن السلاح الأمضى في هذه الحرب هو ضمان النوعية المتميزة في برامج التعليم عن بعد، خاصة تلك البديلة للتعليم التقليدي. والسبيل الأساسي لذلك هو تطبيق نظم الاعتراف الأكاديمي ببرامج التعليم عن بعد بصرامة. وتبين الخبرة العملية أن أحد أهم سبل احترام التعليم عن بعد هو اعتراف مؤسسات التعليم التقليدي المتميزة بخريجى برامجه بين طلبتها.
والخلاصة أن الاستغلال الناجع للتعليم عن بعد، والتعليم متعدد القنوات- خاصة باستعمال تقنيات التفاعل الإلكترونية- يقتضى ثورة حقيقية في التعليم ككل. فكل المكونات التي سبق الإشارة إليها يتعين أن يتكامل في منظومة متناغمة داخليا، وتلتئم- في تناغم أيضا- مع نسق التعليم التقليدي القائم، الأمر الذي يوجب ضرورة التجريب واكتساب الخبرة التراكمية من خلال التقييم الرصين والتطوير المستمر.

هاله احمد الالفي

المساهمات : 39
تاريخ التسجيل : 29/11/2013
العمر : 30

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى