دور التعليم الالكترونى فى تحسين جوده العملية التعليمية التعلمية

يواجه العالم تحديات هائلة في مجال التكنولوجيا والمعلومات، وهذا الأمر انعكس على مختلف القطاعات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية بشكل عام، وعلى النظام التربوي والتعليمي بشكل خاص؛ وهذا من شأنه أن يسهم في إحداث العديد من التغيرات والتطورات في العملية التعليمية بمختلف عناصرها، وإيجاد الاستراتيجيات الفعالة تجاه عمليتي التعليم والتعلّم، ويتأتى ذلك بتوظيف التقنيات والمتمثلة في الحاسوب والإنترنت في البيئة التعليمية التعلمية، واستثمارها بالشكل الذي يقرب المسافة بين المعلومة وطالبها، وإمكانية الحصول عليها بأي وقت ومكان ممكنين.
ويتطلب توظيف التعلّم الإلكتروني في عمليتي التعلم والتعليم توفير الإمكانات المادية اللازمة والمتمثلة في الحواسيب والإنترنت والمواد وغيرها، إضافة إلى توفر الكوادر البشرية المدربة والمؤهلة لتوظيف التعلم الإلكتروني في العملية التعليمية التعلمية. وحتى نحقق التعلم الإلكتروني الفعال، لا بد من الاهتمام بتصميم المقررات الدراسية بالطريقة الجيدة والفعالة والجذابة، وأن تصمم هذه المقررات من قبل فريق يضم المصمم التعليمي والشخص المختص بالموضوع والتقني والمقّوم، وأن يكون تصميمها وفق أسس سليمة ومنظمة تراعي الأهداف التعليمية التي وضعت لأجلها.

ويُسهم توظيف التعلّم الإلكتروني في تحقيق معايير النوعية والجودة في عمليتي التعلم والتعليم، واستيعاب التطورات المتزايدة في المعرفة، ويلبي احتياجات الطلبة، ويتيح الفرص التعليمية لأكبر عدد ممكن من الأفراد، وينمي مهارات التفكير لدى الطلبة، ويعزز التعلّم الذاتي القائم على أسس نشطة، ويعزز القيم الاجتماعية، ويسهم في تربية أجيال لديهم القدرة على التواصل مع الآخرين. ويتميّز التعلّم الإلكتروني بإتاحة الفرصة للطلبة للتفاعل الفوري فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين المعلم من جهة أخرى، من خلال الوسائل الإلكترونية مثل: حلقات النقاش وغرف الحوار وغيرها. كما أنه يعمل على نشر ثقافة التعلم والتدرب الذاتيين في المجتمع، ويُعد الأفراد للمستقبل.

ومن أنماط التعلم الإلكتروني، التعلم المدمج (المزيج) (Blended Learning) ويقصد به: التعلم القائم على مزج أو خلط أدوار المعلم التقليدية في الفصول الدراسية التقليدية مع الفصول الافتراضية والمعلم الإلكتروني، أي أنه تعلّم يجمع بين التعلّم التقليدي والتعلّم الإلكتروني كما يقوم التعلّم المدمج على توفير البيئة المناسبة لتعلّم الخبرات، والتي تمتاز بالتطبيقات الغنية والتفاعلية والمعتمدة على تقنيات الحاسب الآلي والانترنت، بحيث يتفاعل الطلبة مع مصادر التعلّم والأنشطة في اللقاءات الوجاهية والإلكترونية.
وتكمن أهمية التعلّم المدمج في زيادة الحصيلة المعرفية، وتنمية المهارات المختلفة، وتعزيز القيم الاجتماعية عند الطلبة، وبينت نتائج الدراسات التربوية أهمية التعلّم المدمج في تحقيق الجوانب التربوية والاجتماعية والمهاراتية، ومن بين هذه الدراسات دراسة زامل (قيد النشر) التي أظهرت أن اتجاهات الطالبات نحو التعلم المدمج، كانت ايجابية. وبينت أن البُعد المتعلق بتعلم المقرر المدمج إلكترونيا قد احتل المرتبة الأولى من حيث اتجاهات الطالبات نحو منحى التعلم المدمج، فيما احتل بُعد القيم الاجتماعية والتربوية المرتبة الثانية، بينما احتل البُعد المتعلق بتنمية المهارات المرتبة الثالثة. وأظهرت نتائج دراسة هويل (Howell, 2004) "أهمية التعلم الإلكتروني وتقنياته في التحصيل الأكاديمي، وتقليل عدد المنسحبين من المقررات الدراسية، وأوصت الدراسة بضرورة الاهتمام بنوعية برمجيات التعلم الإلكتروني وتقنياته".

وتسير الجامعات وفي المقدمة جامعة القدس المفتوحة نحو مواكبة التغيرات الحاصلة في مختلف الميادين، حيث تقوم بتوظيف التعلم الإلكتروني في تدريس المقررات الدراسية، وفق أنماط تعليمية تعلّمية مختلفة، وذلك بغية تحسين جودة التعليم والتعلّم، والتواصل مع الطالب أينما كان، وتحقيق الأهداف المرجوة، وذلك من خلال تصميم المقررات الدراسية والأنشطة المتفاعلة القائمة على أسس ومبادئ تربوية سليمة.
وحتى يسهم التعلم المدمج بتحقيق الجودة في التعليم والتعلّم، لا بد من الاهتمام بعمليات التخطيط والتصميم والتطبيق والتقويم والمتابعة المستمرة، وضرورة الترابط بين هذه العمليات، وقياس أثر هذا النمط من التعلم في مختلف الجوانب المعرفية والاجتماعية والمهاراتية وبأدوات قياس مناسبة.